مقالات

كيف نعرف الأزمة من الكارثة؟

الأزمة هي حالة غير مستقرة تنطوي على تهديد أو خطورة

أصبح علم إدارة الأزمات أحد العلوم المعاصرة التي تحظى باهتمام الباحثين في عديد من التخصصات، وأزادت أهمية هذا العمل في الوقت الراهن نتيجة التطورات الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات؛ مما ساعد على اقتراب أجزاء العالم مع بعضها البعض، وتعني إدارة الازمات ببساطة محاولة تحقيق السيطرة على الأحداث، وعدم السماح لها بالتصاعد على نحو غير مرغوب.

والبعض لا يستطيع التفريق بين الحادث و الأزمة والكارثة، وأن معرفة هذه المعاني، هي تسهل  علينا معالجتها، والحادث هو فعل مادي له تأثير سلبي على الفرد أو المنظمة..فعلى سبيل المثال، إذا اشتعلت النيران في إحدى المصانع وتم حصارها وإخمادها بسرعة، ويتسبب ذلك في بعض الخسائر المادية والبشرية، ومع ذلك لم يعرف الجمهور الخارجي شيئا عما حدث، ولم تتسرب أخباره إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فإن توصيف ما وقع يسمى حادثا.

أما الأزمة فهي حالة غير مستقرة تنطوي على تهديد أو خطورة، قد تؤدي إلى نتائج سلبية إذا لم تُدار بشكل صحيح. ومن جهة أخرى..فإن حادثا بسيطا لعميل غاضب يشتكي من منتج ما (مثل وجود حشرة داخل مشروب غازي)، ويحمل هذا العميل شكواه إلى إحدى وسائل الإعلام مؤيدا دعواه بالدليل المادي (زجاجة المشروب وداخلها الحشرة) يمكن لهذا الحادث الصغير أن يتحول إلى أزمة كبرى لشركة المشروبات الغازية.

ذلك أن هذا الحادث الصغير يحظى بالنشر السلبي من جانب وسائل الإعلام؛ وينطوي على تهديدي شديد لسمعة المنظمة، فالعنصر الذي يحيل الحادث إلى أزمة هو النشر السلبي من جانب وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي الذي يحلق الضرر بسمعة المنظمة.

وغالبًا ما تكون الأزمات مرتبطة بمواقف يمكن التحكم فيها أو احتواؤها بمرور الوقت. وقد تكون ناتجة عن أخطاء داخلية، أحداث غير متوقعة، أو تهديدات محددة، المثال: أزمة مالية، أزمة سياسية، أزمة في العلاقات الدولية.

أما الكارثة فهي حدث كبير ومدمر يؤدي إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، ويكون له تأثير واسع النطاق على المجتمع أو البيئة، والكوارث تكون أكثر شدة ودمارًا من الأزمات، وعادة ما تكون خارج نطاق السيطرة البشرية (على الرغم من أن الأنشطة البشرية يمكن أن تسهم فيها).

المثال: الزلازل، الأعاصير، التسونامي، الكوارث النووية.

وفي المنظور الإعلامي يزداد أتساع نطاق الأزمة كلما حجبت المنظمة المعلومات عن الجماهير ذات الصلة، ويشير الشكل أعلاه إلى معالجة الأزمة إعلاميا.

ولو نعيد النظر إلى الشكل أعلاه الذي تحت الصورة، حيث يشير الصندوق في الشكل إلى المعالجة المادية للأزمة من خلال استثمار الموارد المتاحة، وساعات العمل، وطرق التشغيل، والخبرات، والأموال وغيرها من العناصر التي تستهدف تقليص آثاره الأزمة، ويلاحظ أن معظم المنظمات تتحمس للتعامل مع الجانب المادي للأشياء: مثل: الحوادث وعيوب الإنتاج وضعف التوزيع، بينما تتجاله العام مع المهمة الأكبر، التي يمكن أن تحدثها الأزمة وهي تهديد السمعة.

وتشير المنطقة فوق الصندوق في الشكل السابق إلى حجم الموارد والخبرات التي تتطلب التعامل مع عنصر النشر (التداول)، وإذا افتراضنا أن حرف A هو نقطة الوميض، أي اللحظة التي تدخل فيها الأزمة إلى إدراك الجماهير، وتشير المنطقة فوق الصندوق إلى “فراغ المعلومات”، الذي يتسبب في زيادة الأزمة كلما طال الزمن الذي تتمتع خلاله المنظمة عن بث المعلومات الدقيقة الواقعة المرتبطة بالحدث.

فكلما طال وقت حجب المعلومات عن الناس ووسائل الإعلام أو كانت المعلومات ناقصة أو مضللة بشأن ما حدث للمنظمة، زادت المشكلة وتحولت إلى أزمة تهدد سمعة المنظمة، أي كلما زاد فراغ المعلومات اتسعت الأزمة وهددت السمعة، وكلما تم ملء هذا الفراغ المعلوماتي بسرعة، أصبحت الأزمة تحت السيطرة.

ونستخلص في النهاية ان الأزمة تعتبر حدثا يشكل نقطة تحول مهمة للمنظمة، وتتطلب ابتكار أسليب وأنشطة سريعة وتواكب الظروف الجديدة، والازمة تفرض تحديات استخدام الموارد المتاحة، ويصعب التطور بتطوراتها.

وتتسم الكارثة بثلاث سمات أساسية: الشدة والقساوة ويمكن قياس هذه الشدة من خلال حجم الدمار والخسائر المادية والبشرية والاقتصادية، واتساع النطاق الجغرافي للكارثة، والشيوع والعلنية حيث تكون الكارثة واضحة وعلنية للناس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!