من الذي يتحكم في وسائل الإعلام الأمريكية التي تركز على الانتخابات؟
أشغلت الانتخابات الأمريكية العالم هذه الأيام؛ وذلك لمكانة أمريكا عالميًا، وتأثيرها على معظم دول العالم، وبغض النظر عن جدل النتائج الانتخابية الحالية بين ترامب و جو بايدن ومن هو المتقدم فيها، لقد هاجم ترامب وسائل الإعلام والصحفيين منذ توليه العمل في البيت الأبيض، ولم يحسن التعامل معهم، وكان في تراشق كلامي مع الإعلاميين من وقت لآخر، حيث كان لا يثق إلا في قناة فوكس نيوز، ومعظم لقاءاته التلفزيونية يجريها معها، بل كانت القناة الوحيدة الموجودة خلفه على المنصة حينما أعلن فوزه بالانتخابات ليلة الاقتراع، وفي وسط تذبذب نتائج الانتخابات، وترقب الناس أمام شاشات التلفاز، تخلت عنه جميع القنوات الإعلامية المؤثرة في أمريكا، في لحظة هو في أمس الحاجة إليها، حتى تويتر قامت بعدة تحذيرات على تغريداته المشككة في نزاهة الانتخابات.
لماذا تخلت وسائل الإعلام عن ترامب في اللحظة الحاسمة؟
لأنه فشل في التعامل مع وسائل الإعلام منذ وصوله إلى البيت الأبيض ولم يستثمر فيها رغم أنه رجل أعمال واقتصادي، ولم يدرك أن هناك بعض الشركات تتحكم في وسائل الإعلام الأمريكية، بل والعالمية، وهي التي تسيطر فيما يبث وينشر من معلومات ومعرفة للشعب الأمريكي، ولدى هذه الشركات معياران من خلالها تتحكم في المعرفة التي تقدم للناس:
المعيار الأول هو القوة الاقتصادية التي تتمثل في حجم مبيعاتها وأرقام أرباحها، والمعيار الثاني هو قوتها الإعلامية المتمثلة في عدد وسائل الإعلام التي تسيطر عليها.
من ضمن هذه الشركات التي تسيطر على معلومات الانتخابات الأمريكية الحالية ، شركة تايمر وارنرو (AOL) والتي تعتبر أكبر شركات الإعلام في أمريكا وذلك بالمقاييس الاقتصادية ، وهي المالكة لقنوات (CNN) التي تعتبر مصدر أخبار لوسائل الإعلام العالمية، وللنخب السياسية والاقتصادية في كل أنحاء العالم، إلا أن ترامب ظل يتراشق مع صحافييها طيلة فترة حكمه.
وثاني أهم شركة إعلامية تسيطر على الإعلام وتدفق المعلومات في أمريكا هي شركة ديزني (Disney) التي تمتلك شبكة ABC الإذاعية والتلفزيونية، وهي من أهم الشبكات الأمريكية، بالإضافة إلى عشر محطات تلفزيونية في نيويورك، ولوس أنجلوس، وشيكاغو ، وفيلادلفيا، وسان فرانسيسكو.
وثالث شركة هي نيوز كوربوريشن التي يمتلكها روبرت ميردوك وهو شخصية مثيرة للجدل، وقد أطلق عليه الكثير من الصفات التي توضح قوته الإعلامية، وخطورة سيطرته على وسائل الإعلام، وتمتلك هذه الشركة شبكة فوكس الإذاعية والتلفزيونية في الولايات المتحدة، وقناة فوكس الإخبارية التي كان الرئيس ترامب يثق بها، وفي 4 نوفمبر أصبحت هذه القناة المعادية للرئيس ترامب، وهي التي تزود المعلومات المهمة والحساسة لوسائل الإعلام الأخرى ضد ترامب، لدرجة دفعت مناصري الرئيس ترامب للتظاهر أمام مقرها، من أجل تصحيح مسارها التحريري – حسب ما يرونه- .
هنا نستطيع القول إن ترامب تحدث كثيرا عن الصفقات السياسية، والاقتصادية، ويصف نفسه أنه ناجح فيها؛ لكن الأكيد أنه لم يحسن الصفقات مع أصحاب وسائل الإعلام العالمية، بل استهزأ بصحفيين أمام العالم، وظن من خلال موقعه كرئيس أنه الأقوى؛ لذا تخلت عنه وسائل الإعلام، حتى أصبح شبه وحيد.
أعتقد أن أفضل مخرج له في الوقت الحالي هو أن يهنئ جو بايدن كرئيس جديد لأمريكا.