هل تعرف أفضل مراسلة متخفية في التاريخ؟

 

 

عندما كانت إليزابيث كوشران في حوالي الواحدة والعشرين من عمرها، كتبت تحقيقاتها تحت الاسم المستعار “نيللي بلاي”، وشقت طريقها إلى الشهرة العالمية في عالم الصحافة الذي كان حينذاك محصوراً بالرجال.
في العام 1887، أصبحت بلاي مراسلة لصحيفة “نيويورك وورلد”. هناك، كانت رائدة في الصحافة التحقيقية، أو، كما كانت تسمى في كثير من الأحيان، “التشهير” – فضح الفساد، والجريمة، وسوء المعاملة.
وبدأت استعداداتها لإجراء تحقيق استقصائي حول مصحة بلاك ويل.

بعد التدرب أمام المرآة على تعابير الوجه المريبة، توجهت بلاي في اليوم التالي إلى نُزُل في مدينة نيويورك، وبدأت بالتصرف بشكل غريب أمام العاملين في النزل، ورفضت النوم وطلبت من العاملين الابتعاد عنها ووصفتهم بالمجانين، وهو ما دفع بهم للاعتقاد بأنها مجنونة والاتصال بمركز الشرطة..

صباح اليوم التالي قامت الشرطة باستجواب “نيللي بلاي” ومن ثم عرضها على عدة أطباء نفسيين لتقييم حالتها العقلية، وكانت النتيجة واحدة، جميع الأطباء أكدوا أن بلاي مريضة عقلية ومصابة بمرض فقدان الذاكرة، بل وأكد أحدهم أن حالتها ميؤوس منها، وعرفت بين الأطباء بجملتها الغريبة “لا أستطيع تذكر أني لا أستطيع أن أتذكر”، وبناء على أوامر الأطباء تم تحويلها إلى مصحة جزيرة “بلاك ويل” للنساء..

بعد إدخالها إلى “بلاك ويل” تمكنت بلاي من معاينة الأوضاع في المصحة عن قرب، وعايشت معاناة المريضات، حيث أجبرن على تناول الطعام الرديء والفاسد وشرب الماء الملوث، كما كان يتم إجبار المريضات على الجلوس في مقاعدهن بصمت لساعات طويلة، وكل من ترفض ذلك تتعرض للضرب والشتم ومختلف أنواع الإهانة، عدا عن طريقة الاستحمام المرعبة، وذلك بسكب الماء البارد على رؤوسهن وإجبارهن على النوم حتى لو باستعمال الأقراص المنومة..

الشيء الأكثر غرابة ووحشية.. هو أن بلاي اكتشفت عبر أحاديثها مع باقي المريضات أن بعضهن محتفظات بقواهن العقلية مثلها تماماً، وأن معظمهن إما أُدخلن المصحة للتخلص منهن، أو دخلنها بإرادتهن للهرب من واقع الحياة السيئ أو العنف الزوجي والأسري، وكتبت بلاي عن هذا: “عدا عن التعذيب، فما الذي يمكن أن ينتج جنوناً أكثر من هذا الوضع؟ ضع امرأة وأجبرها على الجلوس من السادسة صباحاً حتى الثامنة مساءً ولا تسمح لها بالكلام أو القراءة أو معرفة ما يجري في العالم، أطعمها طعاماً رديئاً وعاملها بسوء، ثم فلتنظر كم ستحتاج لتفقد عقلها، شهران كافيان لجعلها مختلّة نهائياً”..

 

Exit mobile version