يشهد عالم الصحافة اليوم تطوراً كبيراً في فنونه، وذلك بسبب التطور التكنولوجي، إذ بزغ أثر صحافة الفيديو في الجمهور في الآونة الأخيرة، ولقي هذا الفن قبولاً كبيراً لدى الجمهور، ما استدعى بعض المؤسسات الصحافية العربية والعالمية إلى فتح أقسام خاصة بصحافة الفيديو، لكن استخدام هذا الفن في الصحف السعودية ما زال خجولاً.
وتتمثل صحافة الفيديو في مهارة إيجاد الفكرة وبحثها وتطويرها، ومهارة التصوير، ومهارة التحرير، ومهارة تسجيل ومعالجة الصوت، ومهارة المونتاج والفرق بين صحافة الفيديو، والتقرير التلفزيوني، أن الأخير يتطلب فريقا كاملا مكونا من أربعة أو خمسة أشخاص يقومون بهذه المهمة، أما صحافي الفيديو فهو يقوم بجميع الأدوار وحده، وهذه تعتبر ميزة لصحافة الفيديو، إذ تقلل التكلفة، وتجعل صحافي الفيديو يتحرك بشكل أسرع وأسهل في تغطيته للأحداث، دون ارتباطه بالفريق.
والفرق بين الصحافي المواطن، وصحافي الفيديو، أن الأخير، أثناء صناعته للفيديوهات يُجيب عن الأسئلة الستة أو الخمسة الشهيرة التي تغطى بها الأحداث، وجودة الفيديوهات تكون فيها عالية، بينما الصحافي المواطن، قد يكون في الفيديوهات التي يقدمها بعض الاهتزاز في الكاميرا، وضعف في جودة الفيديو، ولا تغطي بعض تفاصيل الحدث.
وقد يخلط البعض بين الصحافي المصور، وصحافي الفيديو، والفرق بينهما، أن الأول يعدَّ جزءا من منظومة فريق، وأما الآخر فهو يعدَّ كل الفريق. وقد يتصور البعض أنه عندما يقوم بتصوير أي فيديو قد يستطيع أن يصبح صحافيا مختصا في هذا المجال، وهذا خطأ؛ لأن الفيديو الذي يريد نشره لا بد أن يحتوي على حدث أو معلومة تهم الناس.
وكان قد أجريت دراسة على عينة قوامها 400 شخص في مصر، وأظهرت النتائج أن أهم مميزات صحافة الفيديو من وجهة نظر المبحوثين؛ تصوير قصة صحافية في أماكن لا تستطيع أي وسيلة أخرى دخولها أو التصوير والاقتراب أكثر من القصة الصحافية.
أتمنى أن تدرّس مادة صحافة الفيديو في الجامعات، ويكون لها مقررات دراسية، ويتدرب الطلاب على مهاراتها؛ لأن كثيرا من الصحافيين والمختصين الأكاديميين لا يعرفون شيئاً عن صحافة الفيديو، بل شاهدت بنفسي أن بعض الصحافيين الكبار في المؤسسات الصحافية يظنون أن صحافي الفيديو هو نفسه المصور الموجود في الصحيفة ويتعامل معه على أساس أنه مصور فوتوغرافي، أو أنه فني تقني، بل هو فنان متعدد القدرات والمواهب.
حقيقة لاحظتُ أثر صحافة الفيديو أثناء عملي في صحيفة “عكاظ”، عندما حصلت حادثة الطفلة المعنفة “دارين”، حيث كان الصحافيون يتسابقون للوصول إلى والدة الطفلة للكشف عن تفاصيل الحادثة، وحالفني الحظ بأن أكون أول الواصلين، وأخذت التفاصيل منها، وانتشر الخبر في اليوم التالي على نطاق واسع، لكن فاجأتني إحدى الصحف المنافسة بتسجيل فيديو مع أم الطفلة وهي تروي تفاصيل الواقعة، وكان انتشار الفيديو أكثر من انتشار الخبر، حينها أدركتُ أن السباق الآن بين الصحافيين من خلال الفيديوهات، وأن ظهور صانع الحدث في الفيديو يكون أكثر مصداقية للخبر وأقوى، وأكثر تفاعلاً مع الناس.